السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
كيف تواجه همومك وأحزانك؟
من هدى رسول الله
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو إمامة فقال له يا أبا إمامة ما لي أراك جالسا في غير وقت صلاة؟
قال: هموم لزمتني وديون أثقلتني يا رسول الله.
فقال: ألا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى دينك؟
قال: بلى يا رسول الله. قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بكم من البخل والجبن وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
قال أبو إمام: فعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى ديني.
قد يفهم البعض من هذا الحديث أن الإسلام يحث أتباعه على التواكل والسلبية ويدفعهم إلى مواجهة مصاعب الحياة بالأدعية وترديد كلمات وليس بأعمال فعلية.. لكن كل من يعرف الإسلام يدرك أنه دين الحياة الكريمة ودعوة إلى العمل الصالح الذي يثريها، ويبعث في ربوعها النماء والازدهار، ويوفر للإنسان كل أسباب الأمن والاستقرار ويزوده بالقوة التي تمكنه من الوفاء بجميع الحقوق والواجبات في إحسان وإتقان.
كما هو دعوة إلى العمل الذي يصل العبد بخالقه ورازقه. ويحظى برضوانه ومغفرته، ويكون أهلا لعونه سبحانه ورعايته.. والتشرف بالعبودية الخالصة له جل شأنه، فهو دين يجمع بين أشواق الروح ومطالب الجسد ومن ثم كان العمل للدنيا عبادة، كما هو للدين عبادة، وكان الوقوف في محاريب السعي على الرزق من حلال مقدورا عند الله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا كالوقوف في ميادين الشرف حفاظا على الحقوق وحماية للحريات.
والنبي الكريم يمجد العمل للدنيا، ويرفع أقدار العاملين لعمارة هذه الحياة، يقول صلى الله عليه وسلم: “من طلب الدنيا حلالا يتعفف عن المسألة وسعيا عن عياله وتعاطفا على جاره لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر يوم القيامة ومن طلبها مكاثرا مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان”. وقال صلى الله عليه وسلم: “ من سعى على عياله من حله فهو كالمجاهد في سبيل الله ومن طلب الدنيا حلالا في عفاف كان في درجات الشهداء”.
وقوله صلى الله عليه وسلم “وأعوذ بك من العجز والكسل” يشمل العجز المادي الذي يقعد بصاحبه عن وسائل الكسب الحلال يعيش منه، ويشمل العجز المعنوي، الذي لا يقوى معه الإنسان على مقاومة نفسه الأمارة بالسوء وهي تدفعه إلى المعصية أو تقعد به عن خير يؤديه يفيد بني جنسه وتعمر به الحياة من حوله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير”.
إن الإسلام يريد المؤمن القوي في عقيدته، هذه العقيدة التي تبعث فيه الإرادة القوية التي لا تقهر والطاقة البناءة التي لا تفل ولا تمل، كما يريده قويا معافى في بدنه فلا يهين أمام شدة، ولا تفتر همته بين يدي أمر فيه مشقة، وذلك ثقة في الله واعتمادا عليه.
والأمة العاجزة لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها كما لا تملك حريتها وتعيش ذليلة يتحكم فيها غيرها، ولا تحكم في أمر يخصها.
وقوله صلى الله عليه وسلم: “وأعوذ بك من البخل والجبن” دعوة إلى تنزيه الإنسان من أن يكون في يوم أسير الشح بالنفس أو بالمال، لهما وحدهما يسعى وفي سبيلهما يجاهد باذلا كل مرتخص وغال. ذلك أن الشح بهما تعطيل لوظيفتهما التي لها خلقا وهي العون للإنسان على الوفاء بما نيط به من حقوق لربه أو لبني جنسه أو للحياة من حوله وذلك جرم كبير وإثم خطير.
فالذي يبخل بنفسه عن البذل في سبيل الله والحفاظ على الحقوق حتى لا يعتدى عليها وعلى الحرمات أن تنتهك قد تنكب طريقه العزة والكرامة وأهدر أسمى القيم التي تبوأ بها أعلى منزلة وأشرف مكانة، وباء بسخط الله وغضبه وبئس المصير. أما من وقى شح نفسه وهان عليه العطاء والبذل فقد كتب لنفسه الخلود والذكر الحسن في دنياه والحياة الحقة يوم يلقى مولاه.
والذي يبخل بماله على نفسه فلا ينفقه في توفير الحياة الكريمة لها ويمسك يده عن الإنفاق على أهله وذوي رحمه وعلى الفقراء والمساكين والعجزة والمقعدين والمنكوبين والملهوفين أو يبخل به عن الجهاد ومناجزة الأعداء ومصالح الأمة العامة. الذي يبخل بماله عن ذلك ويحبسه إنما يسعى في هلاك نفسه والقضاء على أمته.
إن الحياة بحق أن يعيش الإنسان موفور الكرامة مرفوع الرأس متمتعا بحريته في قوله وفعله.
وقوله صلى الله عليه وسلم: وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال دعوة إلى أن يوازن كل إنسان بين دخله وإنفاقه وأن يلتزم بقانون السماء حتى لا يتجاوز في الإنفاق طاقته قال تعالى: “وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ”. وقال: “وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”. وقال: “وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً” فالله سبحانه وتعالى يأمر المسلم بألا يطلق لنفسه العنان في تلبية كل ما تشتهي ولو لم يكن لديه ما يحققه من دخله فيقول: “لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ”.
تلك هي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي علمها لأبي إمامة وطالبه بتكرارها في الصباح وفي المساء يوقظ بها عقله ووجدانه ويغذي بها جسده حتى ينطلق من عقاله لتعطيه الحياة من خيراتها بمقدار ما يعطيها من إمكاناته، ويهبه الله من فضله ما يذهب بهمه ويقضي عنه دينه ويفرج كربه وهو القائل “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.
منقول من جريدة الخليج
كيف تواجه همومك وأحزانك؟
من هدى رسول الله
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو إمامة فقال له يا أبا إمامة ما لي أراك جالسا في غير وقت صلاة؟
قال: هموم لزمتني وديون أثقلتني يا رسول الله.
فقال: ألا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى دينك؟
قال: بلى يا رسول الله. قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بكم من البخل والجبن وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
قال أبو إمام: فعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى ديني.
قد يفهم البعض من هذا الحديث أن الإسلام يحث أتباعه على التواكل والسلبية ويدفعهم إلى مواجهة مصاعب الحياة بالأدعية وترديد كلمات وليس بأعمال فعلية.. لكن كل من يعرف الإسلام يدرك أنه دين الحياة الكريمة ودعوة إلى العمل الصالح الذي يثريها، ويبعث في ربوعها النماء والازدهار، ويوفر للإنسان كل أسباب الأمن والاستقرار ويزوده بالقوة التي تمكنه من الوفاء بجميع الحقوق والواجبات في إحسان وإتقان.
كما هو دعوة إلى العمل الذي يصل العبد بخالقه ورازقه. ويحظى برضوانه ومغفرته، ويكون أهلا لعونه سبحانه ورعايته.. والتشرف بالعبودية الخالصة له جل شأنه، فهو دين يجمع بين أشواق الروح ومطالب الجسد ومن ثم كان العمل للدنيا عبادة، كما هو للدين عبادة، وكان الوقوف في محاريب السعي على الرزق من حلال مقدورا عند الله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا كالوقوف في ميادين الشرف حفاظا على الحقوق وحماية للحريات.
والنبي الكريم يمجد العمل للدنيا، ويرفع أقدار العاملين لعمارة هذه الحياة، يقول صلى الله عليه وسلم: “من طلب الدنيا حلالا يتعفف عن المسألة وسعيا عن عياله وتعاطفا على جاره لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر يوم القيامة ومن طلبها مكاثرا مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان”. وقال صلى الله عليه وسلم: “ من سعى على عياله من حله فهو كالمجاهد في سبيل الله ومن طلب الدنيا حلالا في عفاف كان في درجات الشهداء”.
وقوله صلى الله عليه وسلم “وأعوذ بك من العجز والكسل” يشمل العجز المادي الذي يقعد بصاحبه عن وسائل الكسب الحلال يعيش منه، ويشمل العجز المعنوي، الذي لا يقوى معه الإنسان على مقاومة نفسه الأمارة بالسوء وهي تدفعه إلى المعصية أو تقعد به عن خير يؤديه يفيد بني جنسه وتعمر به الحياة من حوله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير”.
إن الإسلام يريد المؤمن القوي في عقيدته، هذه العقيدة التي تبعث فيه الإرادة القوية التي لا تقهر والطاقة البناءة التي لا تفل ولا تمل، كما يريده قويا معافى في بدنه فلا يهين أمام شدة، ولا تفتر همته بين يدي أمر فيه مشقة، وذلك ثقة في الله واعتمادا عليه.
والأمة العاجزة لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها كما لا تملك حريتها وتعيش ذليلة يتحكم فيها غيرها، ولا تحكم في أمر يخصها.
وقوله صلى الله عليه وسلم: “وأعوذ بك من البخل والجبن” دعوة إلى تنزيه الإنسان من أن يكون في يوم أسير الشح بالنفس أو بالمال، لهما وحدهما يسعى وفي سبيلهما يجاهد باذلا كل مرتخص وغال. ذلك أن الشح بهما تعطيل لوظيفتهما التي لها خلقا وهي العون للإنسان على الوفاء بما نيط به من حقوق لربه أو لبني جنسه أو للحياة من حوله وذلك جرم كبير وإثم خطير.
فالذي يبخل بنفسه عن البذل في سبيل الله والحفاظ على الحقوق حتى لا يعتدى عليها وعلى الحرمات أن تنتهك قد تنكب طريقه العزة والكرامة وأهدر أسمى القيم التي تبوأ بها أعلى منزلة وأشرف مكانة، وباء بسخط الله وغضبه وبئس المصير. أما من وقى شح نفسه وهان عليه العطاء والبذل فقد كتب لنفسه الخلود والذكر الحسن في دنياه والحياة الحقة يوم يلقى مولاه.
والذي يبخل بماله على نفسه فلا ينفقه في توفير الحياة الكريمة لها ويمسك يده عن الإنفاق على أهله وذوي رحمه وعلى الفقراء والمساكين والعجزة والمقعدين والمنكوبين والملهوفين أو يبخل به عن الجهاد ومناجزة الأعداء ومصالح الأمة العامة. الذي يبخل بماله عن ذلك ويحبسه إنما يسعى في هلاك نفسه والقضاء على أمته.
إن الحياة بحق أن يعيش الإنسان موفور الكرامة مرفوع الرأس متمتعا بحريته في قوله وفعله.
وقوله صلى الله عليه وسلم: وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال دعوة إلى أن يوازن كل إنسان بين دخله وإنفاقه وأن يلتزم بقانون السماء حتى لا يتجاوز في الإنفاق طاقته قال تعالى: “وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ”. وقال: “وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”. وقال: “وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً” فالله سبحانه وتعالى يأمر المسلم بألا يطلق لنفسه العنان في تلبية كل ما تشتهي ولو لم يكن لديه ما يحققه من دخله فيقول: “لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ”.
تلك هي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي علمها لأبي إمامة وطالبه بتكرارها في الصباح وفي المساء يوقظ بها عقله ووجدانه ويغذي بها جسده حتى ينطلق من عقاله لتعطيه الحياة من خيراتها بمقدار ما يعطيها من إمكاناته، ويهبه الله من فضله ما يذهب بهمه ويقضي عنه دينه ويفرج كربه وهو القائل “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.
منقول من جريدة الخليج